تاريخ اليهائية في تونس

منذ أن دخلت تعاليم حضرة بهاءالله إلى تونس سنة 1921، استجاب المؤمنون الأوائل لندائها الروحاني بحماس، فكرّسوا جهودهم بمحبةٍ وتفانٍ لإعلاء شأن وطنهم العزيز، ساعين إلى ترسيخ وحدةٍ مجتمعيةٍ تَعتبر التنوعَ مصدرَ قوةٍ وثراء.

وقد تجلّت مساهماتهم المبكّرة في حواراتهم مع النخبة المثقفة، حيث نشروا مبادئَ كمساواة المرأة بالرجل، وإلغاء تعدد الزوجات، والدعوة إلى التعليم الشامل للجميع.

وفي هذا السياق، برز دور السيد مصطفى بوشوشة – الصديق المقرب للزعيم الحبيب بورقيبة – في إبراز تلك المبادئ التي تعزّز المواطنة الفاعلة. كما كان للسيد الشاذلي بالحسن ورفاقه فضل تأسيس “المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية”، الذي أثرى التراث الفني والثقافي للبلاد.

سار التونسيون البهائيون على هذا الدرب، حاملين رسالةَ الوحدة المجتمعية التي يلعب فيها الفردُ دورًا محوريًا. فآمنوا بتحرير الإنسان من كل قيدٍ يُقيّد فكره أو يُحدّ من إبداعه، ليُوجّه طاقاته الفكرية والعلمية نحو الخير العام.

 

وفي خضمّ التحولات المجتمعية، تتجلّى روح التقبّل لدى التونسيين من خلال مشاركتهم الفاعلة في بناء المجتمع. فالجميع يسيرون على “طريق الخدمة” – طريقٍ يدعو إلى العمل المشترك، ويفتح آفاقًا جديدةً للتقدم، ويحتضن الجهود المتباينة بسرعاتها المختلفة، لأنه ملكٌ للجميع.

 

ولهذا، دعا البهائيون إخوانهم المواطنين – بغض النظر عن معتقداتهم – إلى فضاءاتٍ للحوار والعمل المشترك، تُصقل فيها القيمُ الأخلاقية، وتتواءم فيها الهويةُ الفرديةُ مع خدمةِ الصالح العام.

آمن عدد من التونسيين بالدين البهائي وساهموا بدورهم في إيصال هذه الرسالة المقدّسة إلى أصدقائهم ومعارفهم. ومنذ ذلك الحين، يعمل البهائيون في تونس على تطبيق تعاليم دينهم من خلال المشاركة الفعالة مع أبناء مجتمعهم لِبناء قِيمٍ روحانية وأخلاقية تساعدهم على المساهمة معًا في بناء حضارة إنسانيّة جديدة عالميّة الأبعادِ تتميز بتناسق بين التطور الروحاني والمادي، وهم بذلك جزء لا يتجزّأ من نَسِيج مُجتمعِهم مُلتزمون بخدمته ومُتفانون في محبّته.